
قلق حقوقي بشأن التحولات التي يشهدها النظام الدولي
دق مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك ناقوس الخطر مشيرا بأن العالم يمر بفترة “من الاضطرابات وعدم القدرة على التنبؤ”، تمس بجوهر النظام الدولي. وقال: “لا يمكننا السماح للإجماع العالمي الأساسي حول المعايير والمؤسسات الدولية، الذي تم بناؤه بشق الأنفس على مدى عقود، بالانهيار أمام أعيننا”.
في تقريره العالمي الذي قدمه لمجلس حقوق الإنسان يوم الاثنين، أعرب السيد تورك عن غضبه من أنه عبر أكثر من مائة صراع مستعر في جميع أنحاء العالم، “ترفض الأطر القانونية المصممة لحماية المدنيين والحد من الأضرار وضمان العدالة بشكل صارخ ومتكرر”.
وأوضح أن المدنيين يتعرضون للهجوم عمدا، ويتم استخدام العنف الجنسي والمجاعة كأسلحة حرب، ويتم منع الوصول الإنساني واستهداف العاملين الإنسانيين، بينما تتدفق الأسلحة عبر الحدود وتتحايل على العقوبات الدولية.
وقال إن الصراع في السودان “يهدد بالانفجار في جميع أنحاء المنطقة” فيما تتفاقم أسوأ كارثة إنسانية في العالم وتستمر الأطراف بمهاجمة المدنيين والإفلات من العقاب. ودعا جميع الدول إلى استخدام نفوذها للضغط على الأطراف لوقف الحرب، والشروع في حوار شامل، والانتقال إلى حكومة بقيادة مدنية.
- وقف إطلاق النار في غزة
وفيما يتعلق بغزة، قال تورك إن وسائل وأساليب الحرب الإسرائيلية ردا على هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر المروعة “دمرت المنطقة ومزقت النسيج الاجتماعي والمادي”. وشدد على أهمية ضمان استمرار وقف إطلاق النار الهش، وأن يصبح “أساسا للسلام”.
وقال إن أي حل لدورات العنف “يجب أن يكون متجذرا في حقوق الإنسان، بما في ذلك الحق في تقرير المصير وسيادة القانون والمساءلة”. وأضاف أنه يجب إطلاق سراح جميع الرهائن والمعتقلين تعسفيا واستئناف المساعدات الإنسانية إلى غزة على الفور.
كما أعرب السيد تورك عن انزعاجه من استخدام الأسلحة والتكتيكات العسكرية ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية، فضلا عن تدمير وإفراغ مخيمات اللاجئين وتوسيع المستوطنات غير القانونية. وقال: “يجب أن تتوقف الإجراءات أحادية الجانب التي تتخذها إسرائيل وتهديداتها بالضم في الضفة الغربية في انتهاك للقانون الدولي”.
ومتحدثا عن اليمن، أعرب عن الغضب من وفاة أحد موظفي برنامج الأغذية العالمي أثناء الاحتجاز لدى الحوثيين في وقت سابق من هذا الشهر، ودعا إلى إطلاق سراح جميع الموظفين الأميين المحتجزين تعسفيا – بما في ذلك ثمانية موظفين من مكتبه – على الفور.n
- أهمية المساءلة
وسلط المفوض السامي الضوء على أهمية المساءلة، مضيفا أنه يمكن تتبع “خط واضح بين الافتقار إلى المساءلة عن الغارات الجوية على المستشفيات في سوريا، والهجمات على المرافق الصحية في اليمن، وتدمير النظم الصحية في غزة والسودان”.
وقال إن غياب المساءلة يؤدي إلى غياب السلام بشكل مباشر، وأكد أن “الضربات الاستباقية لا يمكن أن تحل محل الدبلوماسية الوقائية”.
ولفت تورك الانتباه إلى أن الحروب اليوم أصبحت أطول، وأن مفاوضات السلام أقل نجاحا، وقال: “بالنسبة لملايين الأشخاص في جميع أنحاء العالم، أصبحت الحرب حقيقة بسيطة ومدمرة في الحياة. هذا يجب أن يهزنا جميعا. نحن بحاجة إلى بناء السلام من القاعدة إلى القمة، لفهمه ورعايته وحمايته وتعزيزه عند كل فرصة”.
- العدالة الانتقالية
وقال فولكر تورك إن مكتبه يعمل على إعادة العدالة الانتقالية إلى مسارها الصحيح حيث إنها تساعد المجتمعات المتصدعة على التعافي والمصالحة وإعادة البناء.
وقال إن سوريا تقف عنه منعطف حاسم والسلطات هناك لديها الفرصة لتحقيق توقعات السوريين، مسترشدة بحقوق الإنسان للجميع بغض النظر عن جنسهم أو عرقهم أو دينهم. وشدد على ضرورة أن تلعب المرأة دورا كاملا في جميع المؤسسات والقرارات الانتقالية.
كما أعرب عن ارتياحه بالتزام القيادة الجديدة في لبنان بحقوق الإنسان، مضيفا أن البلاد لديها الآن “فرصة فريدة للشروع في الإصلاحات القانونية ومعالجة التفاوتات العميقة والقضايا الاجتماعية والاقتصادية الأخرى”، والتي ستكون حاسمة لاستعادة التماسك الاجتماعي وبناء الثقة في مؤسسات الدولة والوفاء بتطلعات الشعب اللبناني.
- الولايات المتحدة
وقال المفوض السامي إنه يشعر بقلق عميق إزاء “التحول الجوهري في الاتجاه” الذي يحدث في الولايات المتحدة محليا ودوليا، بعد عقود من الدعم لحقوق الإنسان.
وقال : “في صورة مرآة متناقضة، تُصنف السياسات التي تهدف إلى حماية الناس من التمييز الآن على أنها تمييزية. يتم التراجع عن التقدم في مجال المساواة بين الجنسين. إن التضليل والترهيب والتهديدات – خاصة ضد الصحفيين والمسؤولين العموميين، يهدد بتقويض عمل وسائل الإعلام المستقلة ووظائف المؤسسات. يتم استخدام الخطاب الانقسامي للتشويه والخداع والاستقطاب. وهذا يولد الخوف والقلق بين الكثيرين “.
وقال إن مكتبه سيواصل البناء على تاريخه الطويل من المشاركة البناءة مع الولايات المتحدة.