الحقوقي سمير بوزيد يستعرض وجهة نظره بشأن تأثير تضارب المصالح على الحقوق السياسية و المدنية

في سياق الحديث عن كيفية تأثير تضارب المصالح، والثراء غير المشروع على الحقوق السياسية والمدنية للمواطنين، استعرض سمير بوزيد (الكاتب العام لمركز عدالة لحقوق الإنسان)، وجهة نظره بشأن الموضوع، إذ أوضح في هذا الصدد أن الممارسات تضعف أسس الديمقراطية ذاتها، عندما يفضل المسؤول مصالحه الشخصية على المصلحة العامة، وبالتالي تصبح القرارات السياسية متحيزة، على سبيل المثال، إذا قام وزير بتمييز شركة مرتبطة بعائلته في مناقصات حكومية، فهذا يخرق مبدأ المساواة في الوصول إلى الفرص. النتيجة؟ مناخ من انعدام الثقة، إذ يستشعر المواطنون أن أصواتهم لم تعد تسمع.

وارتباطا بهذه الانعكاسات على الحياة اليومية، أبرز سمير بوزيد أنه إذا أخذنا مثلا مشروع قانون للصحة يتم صياغته تحت ضغط جماعات ضغط تابعة لشركات أدوية، فقد يتجاهل النص حق الفقراء في الحصول على أدوية بأسعار معقولة، أو يحول أموالا عامة عبر عقود مشبوهة، مما يسبب نقصا في الموارد بالمستشفيات والمدارس، حيث أن الثراء غير المشروع للنخبة يحدث دائما على حساب الخدمات العامة.

أما بخصوص علاقة هذا الموضوع بالحريات المدنية، أكد الحقوقي سمير بوزيد أنه عندما تصاب المؤسسات بسرطان الفساد، يصبح القضاء انتقائيا. فقد يسجن مواطن عادي بسبب مخالفة بسيطة، بينما ينجو مقربون من السلطة من جرائم كبرى. الأسوأ أن بعض الأنظمة تسن قوانين قمعية لقمع التظاهرات أو حجب المعلومات، مدعومة بأموال غير مشروعة لحماية امتيازات النخبة.

الحقوقي سمير بوزيد بسط أمثلة حديثة توضح هذه المخاطر، مشيرا أنه في سنة 2022، اكشتفت فضيحة في أمريكا اللاتينية عن تلقي نواب رشاوى من شركات دولية مقابل تمرير قوانين ضريبية. النتيجة؟ إفلاس آلاف الشركات الصغيرة. وفي إفريقيا، تم تحويل أموال مخصصة لمكافحة الملاريا إلى حسابات شخصية، مما عمق الأزمة الصحية، وهذه الحالات تظهر كيف يشوه الفساد الأنظمة بأكملها.

وبخصوص الحلول المقترحة لمجابهة هذه الانحرافات أوضح الحقوقي سمير بوزيد أنه لتجاوز هذه الإشكاليات المعقدة يتعين :

  • إلزام المسؤولين بالإفصاح عن ثرواتهم وعلاقاتهم المشبوهة.
  • تعزيز هيئات الرقابة المستقلة مثل دواوين المحاسبة.
  • حماية كاشفي الفساد الذين يجهرون بالممارسات غير القانونية.
  •  توعية المواطنين، فالمجتمع اليقظ هو أفضل درع ضد الفساد.

أما فيما يخص مدى فاعلية العقوبات الدولية أبرز الحقوقي سمير بوزيد أن تأثيرها اتسم على الدوام بمحدوديته، إذ أن “القوائم السوداء” (مثل تلك التابعة للاتحاد الأوروبي ضد الفاسدين) تجمد الأموال وتقيد تحركاتهم.

الحقوقي سمير بوزيد أكد أنه دون تعاون دولي، يستمر تدفق الأموال غير المشروعة عبر الملاذات الضريبية. الحل يكمن أيضًا في منع إنشاء شركات وهمية وتتبع التدفقات المالية المشبوهة.

كما أن الفساد ليس قدرا محتوما، ذلك أنه يزدهر في الظلام، لكن لكل مواطن قوة للمطالبة بمحاسبة المسؤولين، وذلك من خلال التصويت لمرشحين نزيهين، ودعم التحقيقات الصحفية، ورفض التطبيل لهذه الممارسات… كلها خطوات مقاومة، حيث أن الديمقراطية تغذيها الشفافية يؤكد الحقوقي سمير بوزيد.

وفي ختام تحليله أبرز الحقوقي سمير بوزيد أنه بينما تشدد دول عديدة قوانينها لمكافحة الفساد، يبقى دور المجتمع الحيوي هو الضامن الأكبر لحقوق الجميع.

 

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock